responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 170
زَيْدًا قَالَ فِيهَا إِنَّهَا تَتَكَبَّرُ عَلَيَّ بِسَبَبِ النَّسَبِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ مِنْ أَنَّكَ تُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِزَيْنَبَ وَتَخْشَى النَّاسَ مِنْ أَنْ يَقُولُوا أَخَذَ زَوْجَةَ الْغَيْرِ أَوِ الِابْنِ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ لَيْسَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ خَشِيَ النَّاسَ وَلَمْ يَخْشَ اللَّهَ بَلِ الْمَعْنَى اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ وَحْدَهُ وَلَا تَخْشَ أَحَدًا مَعَهُ وَأَنْتَ تَخْشَاهُ وَتَخْشَى النَّاسَ أَيْضًا، فَاجْعَلِ الْخَشْيَةَ لَهُ وَحْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ [الأحزاب: 39] .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها أَيْ لَمَّا طَلَّقَهَا زَيْدٌ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَا دَامَتْ فِي نِكَاحِ الزَّوْجِ فَهِيَ تَدْفَعُ حَاجَتَهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَقْضِ مِنْهَا الْوَطَرَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَسْتَغْنِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَهُ بِهَا تَعَلُّقٌ لِإِمْكَانِ شَغْلِ الرَّحِمِ فَلَمْ يَقْضِ مِنْهَا بَعْدُ وَطَرَهُ، وَأَمَّا إِذَا طَلَّقَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا اسْتَغْنَى عَنْهَا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَعَهَا تَعَلُّقٌ فَيَقْضِي مِنْهَا الْوَطَرَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الشَّرْعِ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ بِزَوْجَةِ الْغَيْرِ أَوْ بِمُعْتَدَّتِهِ لَا يَجُوزُ فَلِهَذَا قَالَ: فَلَمَّا قَضى وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً أَيْ إِذَا طَلَّقُوهُنَّ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّزْوِيجَ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ لِقَضَاءِ شَهْوَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَلْ لِبَيَانِ الشَّرِيعَةِ بِفِعْلِهِ فَإِنَّ الشَّرْعَ يُسْتَفَادُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ وَقَوْلُهُ: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا أَيْ مَقْضِيًّا مَا قَضَاهُ كَائِنٌ.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ تَزَوُّجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَا مَعَ أَنَّهُ كَانَ مُبَيِّنًا لِشَرْعٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى فائدة كان خاليا من المفاسد فقال:

[سورة الأحزاب (33) : آية 38]
مَا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38)
يَعْنِي كَانَ شَرْعُ مَنْ تَقَدَّمَهُ كَذَلِكَ، كَانَ يَتَزَوَّجُ الْأَنْبِيَاءُ بِنِسْوَةٍ كَثِيرَةٍ أَبْكَارٍ وَمُطَلَّقَاتِ الْغَيْرِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً أَيِ كُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَالْقَدَرُ التَّقْدِيرُ وَبَيْنَ الْمَفْعُولِ وَالْمَقْدُورِ فَرْقٌ مَقُولٌ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، فَالْقَضَاءُ مَا كَانَ مَقْصُودًا فِي الْأَصْلِ وَالْقَدَرُ مَا يَكُونُ تَابِعًا لَهُ، مِثَالُهُ مَنْ كَانَ يَقْصِدُ مَدِينَةً فَنَزَلَ بِطَرِيقِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِخَانٍ أَوْ قَرْيَةٍ يَصِحُّ مِنْهُ فِي الْعُرْفِ أَنْ يَقُولَ فِي جَوَابِ مَنْ يَقُولُ لِمَ جِئْتَ إِلَى هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟ إِنِّي مَا جِئْتُ إِلَى هَذِهِ وَإِنَّمَا قَصَدْتُ الْمَدِينَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَهَذِهِ وَقَعَتْ فِي طَرِيقِي وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَهَا وَدَخَلَهَا وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِقَضَاءٍ وَمَا فِي الْعَالَمِ مِنَ الضَّرَرِ بِقَدَرٍ، فَاللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْمُكَلَّفَ بِحَيْثُ يَشْتَهِي وَيَغْضَبُ، لِيَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي تَغْلِيبِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ عَلَيْهِمَا مُثَابًا عَلَيْهِ بِأَبْلَغِ وَجْهٍ فَأَفْضَى ذَلِكَ فِي الْبَعْضِ إِلَى أَنْ زَنَى وَقَتَلَ فَاللَّهُ لَمْ يَخْلُقْهُمَا فِيهِ مَقْصُودًا مِنْهُ الْقَتْلُ وَالزِّنَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللَّهِ إِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَوَّلًا وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا وَقَوْلِهِ ثَانِيًا وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ زَوَّجْناكَها قَالَ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا أَيْ تَزْوِيجَنَا زَيْنَبَ إِيَّاكَ كَانَ مَقْصُودًا مَتْبُوعًا مَقْضِيًّا مُرَاعًى، وَلَمَّا قَالَ: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا إِشَارَةً إِلَى قِصَّةِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ افْتَتَنَ بِامْرَأَةٍ أُورِيَا قَالَ: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً أَيْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا تَبَعِيًّا، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ هَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ بِالتَّوْلِيدِ وَالْفَلَاسِفَةِ بِوُجُوبِ كَوْنِ الْأَشْيَاءِ عَلَى وُجُوهٍ مِثْلُ كَوْنِ النَّارِ تَحْرِقُ حَيْثُ قَالُوا اللَّهُ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ مَا يُنْضِجُ الْأَشْيَاءَ وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا مُحْرِقًا بِالطَّبْعِ فَخَلَقَ النَّارَ لِلنَّفْعِ فَوَقَعَ اتِّفَاقُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست